• واشنطن العاصمة
تابعنا:

أحمد جان قاسم – مائة من عظماء تركستان الشرقية في التاريخ الحديث

مائة من عظماء تركستان الشرقية في التاريخ الحديث 06

ولد أحمد جان قاسم في فصل الشتاء عام 1914 في غولجا. توفي والده عام 1920 عندما كان يبلغ من العمر ست سنوات. بعد وفاة والده، اعتنى جده قاسم حيث أرسله إلى مدرسة دينية. بعد فترة، أرسل عمه منصور المقيم في ياركند بكازاخستان أحد رجاله ليجلبه مع أمه.

بعد وصوله إلى ياركند، التحق بمدرسة دار الأيتام هناك، ثم انتقل إلى مدرسة دار الأيتام في مدينة آلماتا بمنحة حكومية. نظرا لتخرجه عن المدرسة بنتائج ممتازة، أرسل إلى طاشكند للدراسة في الثانوية. ومن هنا اختير إلى جامعة لينين الحكومي في قازان، حيث التحق بكلية اللغة والآداب، ثم كلية السياسة والاقتصاد. بعد تخرجه من الجامعة بدرجة عالية، كلف بالتدريس في جامعة آسيا الوسطى. ثم في عام 1939، كلف بالتدريس بمعهد العلوم في ولاية نمنغان، واشتغل فيها، حتى عاد إلى مدينة غولجا في أغسطس 1941.

بعد عودته استقر في منزل عمه ناصر، واشتغل بصناعة المرايا. في عام 1942، اعتبره مكتب شرطة غولجا “شخصًا مشبوهًا”، فاعتقله وأرسله إلى أورومجي. وسجن هناك مع نعمت خلفت، وعبد الله، ومحمد نياز، وطوختي حليم وغيرهم من المثقفين ورجال الأعمال.

في عام 1944، اضطرب الوضع السياسي، فثار الناس من جميع الأعراق الذين لم يتمكنوا من تحمل الاضطهاد والقتل الذي مارسه شنغ شي ساي لسنوات عديدة في تركستان الشرقية. فاندلعت الثورة الشعبية المسلحة في إيلي وغيرها من مدن تركستان الشرقية.

في 11 سبتمبر 1944، عزل شنغ شي ساي من منصبه، وأصبح وجونيغ شينغ رئيسًا مكانه. فهو أصدر عفوًا عامًا لتخفيف الموقف المتوتر، وبدأ في إطلاق سراح السجناء الأبرياء المسجونين من قبل شنغ شي ساي. فأطلق سراح أحمد جان قاسم من السجن، وعاد إلى غولجا في منتصف أكتوبر 1944، عمل في إحدى الصحف.

في 12 نوفمبر 1944، تولى الثوار مقر الكومينتانغ ومكتب الحاكم في غولجا، وأعلنوا قيام “جمهورية تركستان الشرقية”.

في نهاية مارس 1945، كلِّف أحمد جان بأعمال الإشراف العسكري. كان للحكومة هدف عظيم في تعيينه في مهام المفتشية العسكرية؛ لأن الجيش الوطني في ذلك الوقت كان جيشًا مكونًا من مجموعات حرب العصابات التي انتفضت في كل مكان، وكان هناك العديد من المشاكل الداخلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الجنود في الجيش لم يكن لديهم تدريب عسكري إلا خبرة عملية أثناء الحرب؛ لذلك كانت هناك حاجة إلى قائد ذو خبرة ومعرفة لتنظيمهم.

لقد أدَّى أحمد جان قاسم هذه المهمة الصعبة بشكل جيد للغاية، حتى انتخب كعضو في الحكومة في اجتماع حكومة تركستان الشرقية، عقد في 10 أكتوبر 1945.

في الثاني عشر من أكتوبر، وصل إلى أورومجي ممثلو حكومة تركستان الشرقية كرحيم جان صابر وأبو الخير توري وأحمد جان قاسم وغيرهم.

وعيّنت حكومة الكومينتانغ المركزية الجنرال جانيغ جيجونغ ممثلا لها، وأرسلته إلى أورومجي للتفاوض مع ممثلي حكومة تركستان الشرقية. في 14 أكتوبر 1945، جاء إلى أورومجي مع الممثلين الآخرين.

في 17 أكتوبر، قام ممثلو الجانبين بمراجعة الوثائق، وبدأوا الجولة الأولى من المحادثات. لكن المفاوضات الأولى لم تنجح، وعاد الوفد إلى غولجا في 22 أكتوبر 1945، وأبلغ الحكومة بعملية التفاوض.

وغادر الممثلون أورومجي في 13 نوفمبر لبدء الجولة الثانية من المفاوضات. وأجروا نقاشات طويلة، لكن لم يتفق الجانبان على نقطة واحدة، حتى عاد الوفد إلى غولجا. فقدم رحيم جان صابر تقريراً عن الجولة الثانية من المحادثات.

مكث الممثلون في غولجا لبعض الوقت لإجراء الاستعدادات حتى وصلوا إلى أورومجي في 25 ديسمبر 1945 لحضور الاجتماع الثالث. بعد أيام قليلة، في 2 يناير 1946، صاغ الجانبان “اتفاقية مكونة من 11 نقطة” لحل النزاع المسلح وتواصلا إلى توافق.

في 16 يناير 1946، وفقًا لقرار حكومة تركستان الشرقية، تم تشكيل “لجنة لجمع المساعدات الطوعية لاحتياجات الجنود في ساحات القتال” وانتخب أحمد جان قاسم رئيسًا للجنة.

خلال الفترة التي كانت الحكومة تجري البحث والدراسة في مشروع المعاهدة، قام أحمد جان قاسم بتنفيذ المهام المذكورة أعلاه، وكتب مقالات حول القضايا التي تعتبر مهمة في الوضع الحالي. ففي 25 مايو 1946، في اجتماع موسع لأعضاء حكومة تركستان الشرقية، قدم شرحًا مفصلاً لـ “اتفاقية 11 مادة” الموقعة مع حكومة الكومينتانغ.

بعد مناقشة طويلة من قبل الأعضاء، قال الأعضاء: “الاتفاقية المكونة من 11 نقطة وملاحقها الواردة في تقرير ممثلينا (أحمد جان) معقولة، ويجوز تفويض ممثلينا رحيم جان صابري وأبو الخير توري وأحمد جان قاسم حق التوقيع على المعاهدة التي ستقام مع حكومة الكومينتانغ المركزية”.

وفقًا لهذا القرار، جاؤوا إلى أورومجي مرة ثالثة، ووقعوا معاهدة السلام مع حكومة الكومينتانغ في 6 يونيو 1946. وفقا للمادة 9 من المعاهدة، يتم تشكيل حكومة اتحادية في تركستان الشرقية متألفة من 15 عضوا من مجموعات عرقية تركستانية، و10 أعضاء من حكومة الكومينتانغ المركزية.

ووفقا للاتفاق يمثل حكومة تركستان الشرقية أحمد جان قاسم نائبا للرئيس، وعبد الكريم عباسوف نائبا للأمين العام، وسيف الدين عزيزي وزيرا للتربية والتعليم، ورحيم جان صابري نائبا على الشؤون الداخلية، ودليلقان وزيرا للصحة، وأبو الخير توري وعثمان وإسحاق بك لأعضاء الحكومة. 

في 7 نوفمبر 1946، أعلنت حكومة الاتحاد الإقليمي قائمة ممثلي الحكومة مكونة من ٢٤ شخصا في المؤتمر الوطني للكومينتانغ الذي سيعقد في نانجينغ.

من 25 نوفمبر 1946، عقد المؤتمر الوطني لحكومة الكومينتانغ في نانجينغ. فتحدث أحمد جان قاسم في المؤتمر نيابة عن ممثلي تركستان الشرقية، وقدم الاقتراحات.

جاء في الاقتراح: «إن المشكلة الرئيسية الآن، هي توفير المساواة وتحقيق السياسة الشعبوية. سواء كان في الوقت الحالي أو في المستقبل، لن نسمح لدولة أو مجموعة واحدة في مقاطعتنا تنشر سلطته الاستبدادية. لذلك، فإن الحكم الذاتي الوطني الذي نطالب به ليس مسألة منح الحكومة العليا أو السلطة التنفيذية في مقاطعتنا للأويغور، بل لجعل جميع المجموعات العرقية في مقاطعتنا متساوية وتنفيذ السياسة الشعبوية بالكامل».

في 14 يناير 1947، عاد الوفد إلى أورومجي من نانجينغ، ورأوا أن الوضع في أورومجي مضطرب، بحيث وقعت الحكومة الاتحادية التي لم تتشكل منذ فترة طويلة في وضع صعب. نظرا لهذا الوضع المضطرب ألقى أحمد جان قاسم كلمة في نادي جمعية الأويغور في 17 فبراير 1947، ودعا الناس لرفع وعيهم، وحذرهم من مؤامرة الفاسدين الذين يحاولون تدمير معاهدة السلام من خلال توزيع الدعاية.

بناء على اقتراح أحمد جان قاسم، توجه الممثل الرئيسي للكومينتانغ معه إلى الولايات الجنوبية كآقسو وكاشغر لمراجعة الوضع. بعد عودته إلى أورومجي، رأى تغييرات كبيرة في الوضع السياسي.

ففي مايو 1947، عندما أصبح مسعود صبري أفندي رئيسًا للحكومة، تفككت الحكومة الاتحادية بالكامل. وعاد ممثلو حكومة تركستان الشرقية إلى غولجا مع المثقفين والمتقدمين الذين أتوا إلى أورومجي من الولايات السبعة.

بعد عودته إلى غولجا، جعل أن يعتبر عن الماضي. فدرس المستقبل بتركيز كبير، وتغمر بعمق بين الشعب. ونتيجة لهذه الدراسة، كتب العديد من المقالات السياسية، مثل “ماذا نفعل بالمفسدين التي لا يمكن إصلاحها؟”، و “دس حقوق الإنسان تحت ستار حقوق الإنسان”. وعقد اجتماعات في مختلف المجالات، وقدم رؤيته حول الوضع الدولي ووضع تركستان الشرقية.

فهو أدرك ضرورة وجود حزب ثوري مشتملا من جميع الأعراق وجميع مناحي الحياة في تركستان الشرقية، يستطيع على تحقيق وحماية المصالح الأساسية للشعب، ويتميز بالقوة، ويتمكن على التغلب على نطاق العمل في كل الأزمنة، ويقدر على أن تحقق وتحافظ على السلام والشعبوية. فأنشأت التحالف الديمقراطي لحماية السلام والشعبوية. فهذه المبادرة أيدتها المنظمات العلنية والسرية العاملة في أنحاء تركستان الشرقية.

لذلك، في أغسطس 1948، عقد أحمد جان قاسم مؤتمرًا مع ممثلين من جميع ولايات ومقاطعات تركستان الشرقية للإعلان عن إنشاء المنظمة وانتخاب أعضاء مجلس إدارتها التنفيذيين. انتخبه الممثلون بالإجماع كرئيس للمنظمة، فهو عين الموظفين الرئيسيين في المنظمة.

يقول أحمد جان قاسم: عن دور “منظمة التحالف الديمقراطي لحماية السلام والشعبوية”:

«من أجل أن يحصل شعبنا على حريته ويعزز انتصار ثورة التحرير الوطني – لا يمكن لمن يعتقد أن هناك طريقة أخرى غير الشعبوية أن يكونوا أصدقاء لحركتنا التحرر الوطني؛ لأن لن ننتصر في ثورتنا للتحرر الوطني إلا من خلال صراع شرس مع الشعب ضد الإمبريالية والاستعمار. لكن الطريق إلى النصر لا يمكن اعتباره طريقًا سريعًا مستقيمًا وخالٍ من العوائق وممهدة معبدة. على العكس من ذلك، فكلما انتصرت قوة الشعب الثورية، تزيد إعاقة القوى السوداء الرجعية، لكي تتقدم ثورة التحرير الوطني منتصرة، ونحافظ على المسار الديمقراطي واضحًا – يجب أن تكون هناك منظمة سياسية من العقلية المتقدمة الخاصة لأبناء شعبنا لرؤية تلك العقبات في الوقت المناسب حتى تطيحها بقوة الشعب؛ فإن التجربة والدروس المستفادة من تحرير شمال تركستان الشرقية إلى معاهدة السلام أثبتت أننا بحاجة إلى مثل هذه المنظمة. لهذا السبب اجتمع المثقفون الشعبويون ذوو التفكير المتقدم في مدينة غولجا وشكلوا هذه المنظمة السياسية. يجب أن تنظم منظمتنا الناس، وتقودهم إلى الوعي السياسي، وإعداد الجميع ليكونوا دائمًا على استعداد للقتال من أجل مصالح الناس. كما يجب أن تقودهم إلى نضال جذري ضد سياسات الاستعمار والإمبريالية. فمن الأمر الضروري دعم سياسة توفير الحرية والمساواة في الحقوق لجميع الجماعات العرقية في تركستان الشرقية والكفاح بلا كلل من أجل تعزيز وحدة الجماعات العرقية. وكذلك يجب أن نكافح للحفاظ على ثمار حركتنا التحررية الوطنية، وتوسيعها، وأن نعطى التضحية في ثورة التحرير الوطني حتى نهاية الطريق».

وهو قد شدد على ضرورة القيام بالتعليم المدرسي قبل كل شيء لتثقيف جيل الشباب الذين هم أصحاب المستقبل، وضرورة اهتمام المعلمين بهذه القضية.

فخاطب على المدرسين وقال: «أيها المعلمون! من مهامكم الضروري، تدريب قادة الدولة للمستقبل والأخصائيين الاجتماعيين المستقبليين بشكل شامل غرسا النظام المستقبلي وقيم المجتمع. لذا من الضروري معرفة الهدف من التدريب أولاً، وبعد ذلك يمكن تنفيذه بالطريقة الصحيحة. اعلموا: أن قضية التعليم تعتبر قضية بالغة الأهمية؛ فإذا تم التعليم بالطريقة الأكثر تقدمًا في المجتمع، ووفقًا للنظريات التي كان يأملها المفكرون الشعبويون، فسيتربى الشباب الداعمين للشعب. وإذا وافق نظام الدولة لمراحل التطور الاجتماعي، فستعتبر الإيديولوجية المناسبة للدولة كأساس، وسيتربى الطلاب بهذه الطريقة. وتكون الدولة فوق أي طبقات اجتماعية. وحيثما تحكم قوة رجعية وسلطوية على الدولة، فلا يناسب أسلوب التعليم على مصالح الشعب لتقريرها على ضد روح الشعبوية. فإن التعليم يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسياسة، حيث تحدد السياسة أهداف التعليم وأهدافه. فيجب لكم أن تبذلوا جهودكم لاستيعاب الشباب بشكل كامل المعرفة العلمية. كما يجب أن تعلموا الرياضيات والفيزياء والكيمياء والجيولوجية وما إلى ذلك بشكل متقن، لكي يصبح الطلاب أشخاصًا يتمتعون بالمعرفة ويعرفون كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية وإخضاع الطبيعة للمجتمع».

ويعتبر أحمد جان قاسم زعيما حقيقيا، مكتسبا معرفة شاملة وناضج. فهو سائق عندما يركب السيارة، غواص عندما يدخل البحر، عامل عندما يدخل المنجم، مزارع عندما يذهب بين المزارعين، فني بين الفنيين، وراعي ماهر بين الرعاة.

فكانت أعماله اليومية كالرياضة، والعمل، والدراسات السياسية، ودراسات اللغة. لا يزال دفتر تعلم اللغة محفوظًا في عائلته باحترام، وفي هذا السجل، كانت مسجلة دراسته باللغة الإنجليزية والصينية بانتظام، كما محفوظا يومياته التي سجل فيها حياته بشكل منتظم.

فهو لا يعتبر نفسه مميزًا ومختلفًا عن الآخرين، فعندما يركب هو وزملاؤه إلى السيارة، كان يرتدي زي السائق البسيط. بهذا، معظم الناس في الأماكن التي ذهب إليها لم يتعرفوا عليه، بحيث يصافحون الآخرين أولاً لتخيلهم أنه مجرد سائق فقط. وكذلك لا يستخدم حارسًا شخصيًا لكيلا يبتعد الناس تهيبا عنه. ويتكرر دائما: «إذا خدمنا الشعب بأمانة وصدق، وأدينا العمل الذي يكلفنا به الناس أداء جيدا فسيدافعوننا ويحميننا».

كان يتقدم شخصيا للترحيب بالأشخاص الذين يأتون إليه بأي عمل طالما كان في المنزل. فإذا كان حله على الفور، فيحلها. وإذا لم يكن من الممكن حلها على الفور، فيرسلها إلى الوحدات ذات الصلة. لم يكن أي قسم أو موظف مهملًا في تنفيذ مثل هذه الأمور.

في الساعة السابعة من مساء يوم 22 أغسطس 1949، غادر أحمد جان قاسم، والجنرال إسحاق بك، والجنرال دليلقان، وعبد الكريم عباس اوف، وعبد الرشيد أمين اوف، عبد الغني كريم، وعثمان جان ناصر جمهورية الصين الشعبية عبر موسكو بترتيب الاتحاد السوفيتي للمشاركة بالمجلس الاستشاري السياسي الأول لمجلس النواب، فأقلعوا من موسكو في 27 أغسطس 1949.

فلما عبروا سلاسل الجبال، فوق غابات كثيفة ووديان، تحطمت الطائرة، فاستشهد أحمد جان قاسم وقادة آخرون كما ادعى الاتحاد السوفيتي والصين. لكن وفقًا لروايات الشخصيات التاريخية، فقد أعدمهم ستالين في موسكو.

بقلم طيب جان هادي وعبد الشكور محمد

تصفّح المقالات

مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies.