• واشنطن العاصمة
تابعنا:

تركستان الشرقية وواقعها المؤلم في يومنا الحاضر

بقلم: عبد الله عيسى المالكي

مِن الأمور المألوفة والمنشرة في الأُمَم الكافرة قديماً وحديثاً، أنّ الأُمَم الغالبةَ تحاول أن تقهَر الأمم المغلوبة – المحتلّة – وتبتلعها، فتحوّل أراضيَها إلى مقاطعةٍ من مقاطعاتها لا تنفكّ عنها، كما تحدِّدُ في سبيل تحقيق هذا الأمر خططاً قاسيةً، وهذا ما طبقّته بالفعل الحكومة الصينيّة الشيوعيّة، فقد نهجت سياسة التطهير العِرقي ضدّ أصحاب الأرض الأصليين – الشعب الأويغوري المسلم -، وعمِلت على اجتثاثه مِن أرضه، وسحق هويّة مَن بقي منهم حيّاً، وإذابته في المجتمع الصيني.

فمنذ أن احتلّت الصين تركستان الشرقيّة عام 1949 م، استهدفت بكلّ الوسائل عمداً طمسَ كافّة المظاهر الإسلامية، والحضارة الأويغورية في البلاد؛ لإذابة أبنائها في نسيج المجتمع الصيني، وهذا واضحٌ – وضوح الشمس في رابعة النهار – في ممارساتها العمليّة، وتشريعاتها القانونيّة، وتنفيذها، واقعيّاً.

فقد أقدمت – بدمٍ باردٍ – على قتل أكثر مِن ثلاث مئة ألف في الثورة الثقافية – 1958|1978 – مِن العلماء والمثقفين، ورجال أعمال، وغيرهم.

وسعياً لتحقيق خططها المتمثّلة في إذابة مسلمي الأويغور في نسيج المجتمع الصيني، ضيّقت على الناس حريّة التديّن، وقيّدت إبراز عقائدهم وتقاليدهم؛ لأنها كانت ترى في ذلك الحلّ الوحيد لإبعادهم عن دينهم، وهذا ما دفعها لجمع الأئمّة والعلماء، والدعاة في معسكرات الاعتقال؛ لتغذيتهم مبادئ الشيوعية، وتربيتهم في ثقافتها مِن جانب آخر، ووظفّت المدرسين في الدوائر الحكوميّة، وحمَلَتهم على نَبذ التعاليم الدينيّة في كلّ حياتهم بإجبارهم على التوقيع على ذلك، وعدم الاشتغال بأي شيءٍ له مساسٌ بالدّين، ومنعت بناء المساجد، أو ترميمها كمرحلةٍ أولى، ثـمّ بدأت مرحلة التدمير والهدم بعد 2014 م بحججٍ مختلفةٍ، وألغت المدارس الشرعيّة منذ احتلال البلاد، واعتبرت التعليم الشرعي جريمةً كبرى.

واشتدّت عمليات انتهاكات حقوق الإنسان في تركستان الشرقيّة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حيث حاولت سلطات الاحتلال – على الصعيد الخارجي – اتهام الأويغور بالإرهاب، كما قامت – على الصعيد الداخلي – بتصعيد حملاتها القمعيّة الموجّهة ضدّهم، فاعتقلت ملايين الأشخاص بدعوى ومزاعم واهية، وشدّدت نُظُمها القاسية على المسلمين، بدءاً بتحريم وتجريم تسمية مواليد الأويغور بأسماء إسلاميّة، ومنع إعفاء اللحى للرجال، ومحاربة حجاب النساء، وصولاً إلى الإبادة الجماعيّة.

وبعد 2016 م، أحكمت الحكومة الصينيّة قبضَتها على تركستان الشرقيّة، وأغلقت الحدود، وبنَت السجون، وأنشأت المعسكرات النازية تحت مسمّى ((إعادة التأهيل))، واعتقلت ملايين مِن الشعب الأويغوري بأسبابٍ تافهةٍ، واختطفت الأطفال مِن بيوتهم، وقامت بتعذيبهم الممنهج، وأجبرت عامّة الناس رجالًا نساءً على الأعمال الشاقّة بحججٍ مختلفةٍ، كما أجبرت المسلمين على التخلي عن دينهم، وثقافاتهم، وأن يُـخضَعوا للمراقبة الممنهجة.

وكشفت الوثائق الرسميّة الحديثة المسرّبة سياسةَ الصين العنصريّة ضد الأويغور بشكلٍ مباشرٍ عن طريق قادة صينيين كبار، مِن بينهم الرئيس ((شي جين بينغ))، الذي أطلق على الحملة القمعيّة التي شنّتها الدولة على مسلمي الأويغور، شعار ((لا رحمة على الإطلاق)).

وأثبت الوثائق أنّ كبار قادة الحكومة الصينية دعوا إلى اتخاذ إجراءاتٍ أدّت إلى الاعتقال الجماعي لأفرادٍ مِن الأقليّة المسلمة، وإجبارهم على العمل، ومازالت الصين تنفي باستمرارٍ أنها تمارس إبادةً جماعيّةً بحقّ مسلمي الأويغور، وكانت بعض الوثائق موضوع تقرير سابق، لكن التسريب الأخير تضمّن معلوماتٍ لم تُنشَر مِن قبل.

تقول ((أنياس كالامار)) الأمينة العامّة لمنظمّة العفو الدوليّة: السلطات الصينيّة خلقت جحيماً بائساً على نطاقٍ مذهلٍ في (تركستان الشرقيّة) أويغور ذي الحكم الذاتي؛ فقد بات الأويغور، والكازاخ، وغيرهم مِن الأقليّات المسلمة يواجهون جرائم ضدّ الإنسانيّة، وغير ذلك مِن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تهدّد بمحو هوياتهم الدينيّة والثقافيّة.

المراجع:

محمد تورسون عمر، واقع الدعوة الإسلامية في تركستان الشرقية، ص68.

زياد الشامي، حول تصاعد اضطهاد الصين لمسلمي الأويغور، 21/11/2017.

قهرمان، ئۇيغۇرلارنىڭ سىياسىي تارىخى، 972.

مسلمو الأويغور: وثائق مسربة تربط قادة صينيين كبارا بقمع …https://www.bbc.com › Arabic

الصين: القمع الشديد للمسلمين في شينجيانغ يبلغ حد الجرائم …https://www.amnesty.org ›

تصفّح المقالات

مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies.