تركستان ومكانتها في التاريخ الإسلامي
تأليف: روحي أويغور الكاشغرى
1961م
تحقيق: ش: ثابت أوغلو
منشورات مركز الدراسات الأويغورية
2025
“يعَدُّ هذا الكتاب، “تاريخ الأتراك”، الذي حققَّناه، أحد أهم الكتب التاريخية التي تسلط الضوء على إسهامات الأتراك في تاريخ الإسلام. ألَّفه العلامة محمد الروحي الكاشغري في أربعينيات القرن الماضي من علماء تركستان الشرقية، بخط يده، إلا أن الكتاب لم يكتمل وظل في صورة مسوَّدة. على الرغم من القيمة الكبيرة التي يحملها هذا العمل، إلا أنه لم يرَ النور لفترة طويلة، حيث بقي ضمن المخطوطات الإسلامية على رفوف مكتبة بيشاور في باكستان.
وفي عام 1990م، تم اكتشاف الكتاب وتقدير قيمته من قِبَل الباحث عبد الجليل توران، إلا أن عوائق الزمن حالت دون وصول هذا العمل القيِّم إلى أيدي القرَّاء. عندما علمت بوجود هذا الكتاب، تولَّدت لدي رغبةً عميقةً وشوقةً عارمةً في رؤيته وإبرازه في المجال العلمي، ليكون قادرًا على منافسة الأعمال الأخرى في ميدان الدراسات والبحوث، ويسهم في إثراء الأمة الإسلامية عامَّة، والأكاديميين والدارسين بشكل خاص.
لذلك، بذلت قصارى جهدي لتحقيق هذا الكتاب، حيث عملت ليلاً ونهاراً على استكشاف محتواه العميق، وكشف الجواهر المدفونة في سطوره التي كادت تُمحى بمرور الزمن، كما توغلت في أعماق محتواه الغامض لاستخراج الجواهر الثمينة التي كانت مدفونة بين سطوره المسودة والتي كانت شبه مستحيلة القراءة.
وكذلك كرست صباحًا ومساءً من عمري الفاني للبحث والتدقيق في ضبط الألفاظ الغريبة، وتوثيق الأسماء النادرة، والتحقق من أصحاب الرجال والبلدان الماضية وأماكنها، مستعينًا بأهم المصادر والمراجع. كل ذلك لأتمكن من كشف النقاب ورفع الستار الذي أُسدل على أعين القرّاء، ليصبح هذا الكتاب واضحًا ومتاحًا لمن يبحث عن المعرفة.
بفضل الله وتوفيقه، وبمساعدة بعض الإخوة الأفاضل، تمكنت من تقديم هذا الكنز المكنون بين أيدي القرّاء.
فله الحمد أولاً وآخراً، ظاهرًا وباطنًا، أن وفقنا لإحياء هذا الأثر التاريخي النفيس، وأن منحنا القدرة على إخراجه للناس في ثوب جديد، يُعلي من قيمته ويُبرز أهميته، ليكون نبراسًا لأهل العلم ومرجعًا لمن يريد التفقه في سير الأمم وتاريخها.”
- من مقدمة المحقق
ترجمة المؤلف:
“ولد العلامة، الأديب، المؤرخ، محمد روحي الكاشغري، في مقاطعة ((أرتوج)) لولاية كاشغر – حينذاك -، المعروفة بمدينة الأمراء والعلماء، في عائلةٍ مشهورةٍ بالعلم والثقافة والتجارة سنة 1911م.
وُلِدَ العلّامة والأديب والمؤرخ محمد روحي الكاشغري في مقاطعة أرتوج التابعة لولاية كاشغر، التي كانت تُعرف آنذاك بمدينة الأمراء والعلماء، وذلك في عام 1911م. نشأ في عائلة مشهورة بالعلم والثقافة والتجارة، وتلقى تعليمه الأولي على يد علماء بلاده منذ صغره.
وفي عام 1932م، وعندما بلغ من العمر 21 عامًا، شدَّ الرحال إلى الهند لطلب العلم، حيث يرتوى من معين علوم علماء الهند، مستكملاً بذلك مسيرته العلمية. بعد وصوله إلى الهند، أقام فترة في مدينة بيشاور، ثم انتقل إلى أفغانستان واستقر في مدينة كابول حيث عمل موظفًا محاسبًا في إحدى الفنادق لتأمين لقمة عيشه. وقد لاحظ صاحب الفندق ذكاءه وصدقه وورعه، مما دفعه إلى اختياره كخَطِيب لابنته، فتزوجها بناءً على تقديره لصفاته الشخصية المتصفة بالأمانة والتقوى.
أثناء فترة إقامته في كابول، شغف إلى التعليم بحيث تعلم اللغات العربية والفارسية والبشتوية والتركية بشكل متقن. وقد أظهر براعته في هذه اللغات من خلال تأليفه الأشعار والمقالات به.
في فترة وجيزة، نال محمد روحي الكاشغري شهرة واسعة في الأوساط العلمية، وذاع صيته بين المثقفين وأصحاب العلم، حيث حظي بثناء ومديح كبيرين. بناءً على ذلك، طُلب منه أن يتولى مهمة التحرير لصحيفة مشهورة تُدعى “أنيس”، والتي كانت تُنشر في أفغانستان باللغة البشتوية.
بعد ذلك، هاجر محمد روحي الكاشغري إلى الهند، حيث تعلّم اللغات الأوردية والبنجابية والسندية بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية. وقد أتقن هذه اللغات بما يكفي ليكتب المقالات العلمية والأدبية، فضلاً عن تأليفه الأشعار بها. فأعلن في المجلات والصحف مقالات أدبية ونقدية وتاريخية، حيث قام بتعريف الشعب الهندي بتاريخ شعبه المحتل والمظلوم، وإبراز تاريخه المجيد. كما قام أيضًا بتعريف الشعب الأفغاني بتاريخ أمته خلال فترة إقامته في أفغانستان.
عندما لاحظ المثقفون وأولو العلم في باكستان عبقريات محمد روحي الكاشغري في مجالات عدة، طلبوا منه الانضمام إلى قسم اللغة التركية في الإذاعة الباكستانية الذي تم تأسيسه حديثًا عام 1955. بدأت مساهماته بتغطية الأخبار باللغة الأويغورية في هذا القسم، مما ساعد على نشر المعرفة وتعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب
ومع ذلك، توقفت هذه الأعمال فجأة بعد سبعة أشهر. ومن ثم، عاد محمد روحي الكاشغري إلى العمل في التأليف من جهة، واعتنى بتربية أبنائه محمد بابور ومحمد بغرا من جهة أخرى.
خلال فترة إقامته في كراتشي، ألّف كتابه “الموطن الأصلي للطوخار” باللغة الإنجليزية ونشره عام 1959. كما نشر أيضًا كتابه التاريخي “رسائل السلطان تبو إلى الخليفة العثماني”، مضيفًا بذلك إسهامًا مهمًا في مجال الدراسات التاريخية.
ألَّف محمد روحي الكاشغري العديد من المقالات والكتب، ورغم أن معظم أعماله قد فقدت أو لم تُحفظ بشكل كامل، إلا أن بعضًا منها ما زال موجودًا في المجلات ومكتبات باكستان. من بين إرثه الأدبي:
- “تاريخ الأتراك”: مخطوط، وهو هذا الكتاب الذي تم تحقيقه وتقديمه.
- “الزهرة”: مخطوطة.
- “إسهامات الأتراك إلى الإسلام” منشورة باللغتين الإنجليزية والأوردية.
- “رسائل السلطان تبو إلى الخليفة العثماني” منشورة.
- “الموطن الأصلي للطوخار” منشورة باللغة الإنجليزية عام 1959.
- “يني مللي روح” (روح وطنية جديدة) مجموعة شعرية باللغة الأويغورية.
- “نوائي روحي” (ترنم روحي) مجموعة شعرية باللغة الأويغورية.
- “خدمات تركستان بزبان فارسي”: (إسهامات تركستان في اللغة الفارسية) ، منشورة في مجلة هلال، بهمن 1342 – العدد 45.
- “داستان ختن درباره ابريشم” قصة ختن في طريق الحرير، مقال منشور في المجلة السابقة.”
مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة