• واشنطن العاصمة
تابعنا:

ذو النون طيب – مائة من عظماء تركستان الشرقية في التاريخ الحديث

مائة من عظماء تركستان الشرقية في التاريخ الحديث – 32


وُلد ذو النون طيب عام 1917 في مدينة ياركند، كازاخستان، في عائلة تعمل بالزراعة. أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه، ثم انتقل مع عائلته إلى مدينة غولجا عام 1931.

في أبريل 1944، أسّس تنظيمًا سريًا لتحرير تركستان الشرقية من سيطرة الكومينتانغ، بمشاركة 12 شخصًا. خلال هذه الفترة، أصبح عضوًا في جيش تركستان الشرقية، وكرّس كل جهوده لدعم الثورة.

لعب دورًا محوريًا في قيادة المعارك الشرسة لتحرير مدينة غولجا، حيث أظهر شجاعة استثنائية في الحروب المتتالية على مختلف الجبهات. وبعد إعلان استقلال تركستان الشرقية، كرّمته الحكومة بمنحه ميداليات الشرف، ومنها: ميدالية الحرية، ميدالية النضال من أجل الاستقلال، ميدالية الشجاعة.

في فبراير 1945، عيّنه مجلس إدارة جمهورية تركستان الشرقية نائبًا لمدير هيئة التفتيش الحكومية،  في 13 مارس 1945، أصدرت اللجنة الحكومية القرار رقم 33، والذي نصّ على تعيين رحيم جان صابر وزيرًا للداخلية، وتعيين ذو النون طيب وزيرًا للشؤون العسكرية.

في 8 أبريل 1945، قامت حكومة تركستان الشرقية بتشكيل الجيش الوطني، وعُيِّن ذو النون طيب نائبًا للقائد العام للجيش، الذي كان يتألف من 15 ألف جندي، بينما تولّى إيفان بالينوف، وهو ضابط روسي، منصب القائد العام. في يوليو 1945، شن جيش تركستان الشرقية هجومًا ثلاثي المحاور ضد جيش الكومينتانغ. خلال هذه المعارك، قاد ذو النون طيب الجيش على الجبهة الشمالية ونجح في تحرير دوربيلجين وجوجك. بعد تحقيق هذا الانتصار، أنشأ لواء سلاح فرسان مستقل لتعزيز القوات العسكرية.

في 3 سبتمبر 1945، انتقل إلى الجبهة المركزية، حيث قاد معركة تحرير شيخو، وتمكن من تحريرها في 8 سبتمبر. في 2 يناير 1946، تم توقيع “معاهدة السلام” بين حكومة الكومينتانغ وحكومة تركستان الشرقية. وبعدها، سافر أحمد جان قاسم إلى أورومجي بصفته ممثلًا لحكومة تركستان الشرقية، وأصبح نائبًا في الحكومة الاتحادية.

في أغسطس 1947، قامت حكومة الكومينتانغ بتنظيم مظاهرة مزورة في أورومجي، استهدفت مجلس الأويغور، الذي كان يضم ممثلين عن جمهورية تركستان الشرقية، وعلى رأسهم أحمد جان قاسم. وصلت الأنباء بسرعة إلى ذو النون طيب، الذي كان متمركزًا على طول نهر ماناس بانتظار الأوامر. عند سماعه بالهجوم، أعلن حالة الطوارئ في الجيش، وأرسل تحذيرًا إلى حكومة الكومينتانغ مفاده أنه إذا تعرض أحمد جان قاسم أو أي شخص آخر للأذى، فإنه سيعبر نهر ماناس فورًا، متجاهلًا معاهدة السلام أو حتى موقف الاتحاد السوفيتي. أثارت هذه التهديدات ذعر حكومة الكومينتانغ، ما دفعها إلى التخلي عن خطتها للتآمر ضد أحمد جان قاسم.

في سبتمبر 1949، غزت الصين الشيوعية تركستان الشرقية بمساعدة مباشرة من الاتحاد السوفيتي. بين أغسطس 1950 وأبريل 1962، تولّى ذو النون طيب منصب المفوض السياسي للقيادة الإقليمية العسكرية. لاحقًا، عُيِّن نائبًا لمفوض المنطقة العسكرية بقرار من اللجنة العسكرية المركزية الصينية، وحصل على لقب المفوض السياسي من المستوى الثامن للصين. في عام 1955، حصل على رتبة جنرال، ونال وسام التحرير من الدرجة الأولى، ثم تم تعيينه نائبًا لمدير لجنة الرقابة الوطنية الصينية، بالإضافة إلى إشرافه على اللجنة العسكرية.

كان ذو النون طيب يحمل الجنسية المزدوجة (تركستان الشرقية والاتحاد السوفيتي)، وكان على دراية بالألاعيب السياسية التي كانت تُمارس في تركستان الشرقية. كان يشعر بغضب عارم تجاه المآسي التي حلّت بوطنه.

لذلك، سعى إلى تشجيع أبناء تركستان الشرقية على مغادرة الصين إلى الاتحاد السوفيتي، مستخدمًا كل الوسائل المتاحة للترويج لهذه الفكرة في أربع مقاطعات. ومع تصاعد التوترات، فتح الاتحاد السوفيتي حدوده أمام شعب تركستان الشرقية، وتعامل معهم بلطف غير مسبوق.

في عام 1962، قاد ذو النون طيب جنوده المرؤوسين وعشرات الآلاف من أبناء تركستان الشرقية لعبور الحدود إلى الاتحاد السوفيتي، مما أحدث صدمة كبيرة في الصين وعلى الساحة الدولية.

في أوائل عام 1962، بدأ ذو النون طيب مع مساعده الجنرال مرغوب إسحاق أوف حملة دعائية واسعة ضد الصين، بحجة تفتيش المناطق الرعوية. لكن في الواقع، استهدفت هذه الحملة القواعد والوكالات العسكرية الصينية في: إيلي، تارباغاتاي، آلتاي، بورتالا، غولجا، وأسفر الهجوم عن مقتل العديد من الجنود والمسؤولين الصينيين، كما أدّى إلى تطويق الوحدات العسكرية الصينية الرئيسية ومهاجمتها. لكن الحكومة الصينية ردّت بنشر مئات الآلاف من الجنود في هذه المناطق، وكذلك في مناطق أخرى من تركستان الشرقية، مما جعل استمرار المقاومة صعبًا دون دعم خارجي. كان ذو النون طيب يأمل في دعم عسكري مباشر من الاتحاد السوفيتي، لكن السوفييت اكتفوا فقط بفتح حدودهم، دون تقديم دعم عسكري فعلي.

في أبريل 1962، هجر سكان أكثر من عشرين مقاطعة في أربع ولايات من تركستان الشرقية منازلهم وأراضيهم، متجهين إلى الاتحاد السوفيتي. عبر حوالي 60 ألف شخص الحدود، حتى أن بعض المقاطعات لم يبقَ فيها إلا أقل من مئة شخص. عند سماع ماو تسي تونغ عن هذه الانتفاضة المسلحة والهجرة الجماعية بقيادة ذو النون طيب، قال:

“لا ينبغي لنا أبدًا اعتقال أي شخص يريد المغادرة…”

أما جوئنلاي لماو، حذّر ماو قائلًا:

“قد يتبعهم آخرون، أقترح أن نرسل إليهم سيف الدين عزيزي لينصحهم بعدم المغادرة.”

لكن ماو رفض، وقال:

“الآن من الصعب التمييز بين من هو على حق ومن هو على خطأ. بعد 20-30 سنة، سيفهم الجميع بأنفسهم. قل وداعًا لمن أراد المغادرة.”

خلال هذه الفترة، فرَّ أكثر من 40 من الجنرالات والضباط والقادة من جمهورية تركستان الشرقية إلى الاتحاد السوفيتي.

لم يعترف ذو النون طيب بالصين حتى آخر حياته، وبذل قصارى جهده لاستعادة استقلال تركستان الشرقية. وعندما لم يستطع تحقيق ذلك، حاول طلب الدعم من الاتحاد السوفيتي، لكنه اضطر إلى الانتظار بلا جدوى. حتى وفاته، حافظ على كرامة قائد جيش تركستان الشرقية الوطني واستمر في نضاله.

مع تقدّمه في السن، استقر في آلماتا، لكنه لم يتوقف عن العمل من أجل استقلال وطنه.

في أوائل السبعينيات، كتب مذكراته بعنوان “النضال من أجل الحرية”، التي تناولت ثورة تحرير تركستان الشرقية (1944-1949). نُشر هذا العمل عام 1974 باللغة الروسية بعدد 15,000 نسخة، ثم نُشر عام 1977 باللغة الأويغورية (بأحرف سلافية) تحت عنوان “تركستان الشرقية”.

احتوى الكتاب على مقدمة موجزة من الناشر جاء فيها:

“تروي هذه السجلات قصة حركة التحرر الوطني لشعب تركستان الشرقية ضد مستعمري الكومينتانغ الصينيين من عام 1944 إلى عام 1949، والانتصار في ثلاث مقاطعات، وتشكيل جمهورية تركستان الشرقية وجيش التحرير الوطني، ثم استيلاء مجموعة ماو تسي تونغ على البلاد.”

توفي  المناضل، والقائد السياسي ذو النون طيب عام 1984 في آلماتا عن عمر 67 عامًا.

في عام 1982، أُنتج فيلم وثائقي كازاخستاني بعنوان “البطال غني” بمناسبة الذكرى العشرين لهجرة الأويغور إلى الاتحاد السوفيتي. شارك ذو النون طيب في إنتاج الفيلم، الذي تناول شجاعة غني باتور خلال فترة جمهورية تركستان الشرقية (1944-1949)، واحتوى على مشاهد حية وأصوات ذو النون طيب، مما جعل ظهوره لا يُنسى للأجيال القادمة.

في 23 سبتمبر 2017، أُقيمت الذكرى المئوية لميلاد نائب القائد العام للجيش الحكومي لجمهورية تركستان الشرقية، الجنرال ذو النون طيب، وذلك تحت إشراف أكاديمية المسرح الكوميدي الموسيقي الأويغوري في آلماتا.

بقلم: محمد تورسون، ترجمة مركز الدراسات الأويغورية

تصفّح المقالات

مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies.