بقلم عبد الحكيم إدريس
يمثل مسلسل ” يظنون أنهم بإسكاتنا سوف سوف يقضون على قضيتنا ” أفضل مثال على أن الصراع بين الحق والباطل سوف ينتهي في نهاية المطاف بانتصار الحق ودحر الباطل وهلاك الظالمين . الصين التي ترتكب حاليا إبادة جماعية ضد شعب أعزل وهو الشعب الأيغوري قامت في الآونة الأخيرة بمعاقبة غولشان عباس شقيقة زوجتى روشان عباس بالسجن لمدة عشرين عاما ” بتهمة الإرهاب”؟وذلك انتقاما من روشان التي تقوم بالنضال السياسي من أجل قضية الشعب الأيغوري المسلم.
والنظام الشيوعي الصيني هو ما قلناه في بداية هذا المقال وهو أنه يتوهم بأنه بوضعه طبيبة خلف القضبان كان كل همها أن تداوي مرضاها ولم تؤذ أحدا حتى أنها لم تتعرض لغرامة مرور يتوهم هذا النظام بأنه سوف ينجح في ثني قرينتى روشان عباس وأنا والأيغور عن النضال ضد الفاشية الصينية، ولكن في الحقيقة فان ممارسات هذا النظام الشيوعي الفاشي زاد من عزم وارادة الأيغور على الاستمرار في الكفاح حتى النهاية كما أكدت روشان عباس للصين قبل فترة : ” اطلقوا سراح شقيقتي وأنه بسبب حماقتكم وممارساتكم الغبية فان اسم الصين وجرائم الابادة الجماعية ضد الإنسانية أصبحتا كلمتان مترادفتان في الواقع.
وعلى الرغم من أن هذا العصر هو عصر الاتصالات والتكنولوجيا ولا يخفى على أحد ما يجري في أقصى أنحاء المعمورة إلا أنه يجدر بنا أن نذكر الجميع بنبذة مختصرة عما يجري حاليا في تركستان الشرقية . ترتكب الصين في السنوات الأخيرة في تركستان الشرقية التي تقع في آسيا الوسطى والتي هي موطن المسلمين من الأيغور والقازاق والقرغيز وغيرها ترتكب الصين أكبر إبادة جماعية ضد الأيغور بعد الابادة النازية أثناء الحرب العالمية الثانية. ولمن يتساءل أين أفران الغاز التي أقامتها الصين نقول أنه إذا يتم تعقيم النساء ،ويحتجز الملايين في معسكرات اعتقال جماعية، ويتعرض نساءهم للإغتصاب والإعتداء الجنسي ،وتجبر العائلات على استضافة ضيف غير مرغوب فيه ( مندوب الحزب الشيوعي الملحد) ، ويتعرض من يطلقون لحاهم للسجن، ويتم اجهاض النساء الحوامل وبقر بطونها ، ويساق الرجال والنساء إلى معسكرات الاحتجاز والسجون ، ويتم وضع الأطفال في دور الرعاية الصينية من أجل تربيتهم على مبادئ الحزب الشيوعي، وترغم الفتيات الشابات عنوة على الزواج من الصينيين،ويرسل من يتواصل مع أقاربه في الخارج لمعسكرات الإعتقال ( بتهمة التخابر مع جهة أجنبية) أليست هذه كلها جريمة إبادة جماعية؟.
وإذا كان هناك من لا يصدق أن تلك الجرائم تعتبر إبادة جماعية فعليه أن يطالع المواد الخاصة بمعاهدة حظر الإبادة الجماعية الصادرة عن الأمم المتحدة ومن ثم يراجع موقفه. وبمناسبة الحديث عن الأمم المتحدة فانها قد أسست عقب الحرب العالمية الثانية التي بدأها النازيون بجرائم الإبادة الجماعية من أجل السيطرة على العالم . وقد أكدت برونهيلد بومسل وهي التي كانت سكرتيرة خاصة للوزير المسئول عن الدعاية الإعلامية النازية جوزيف جوبلز المتهم الثاني بعد هتلر في ارتكاب الإبادة الجماعية ضد اليهود في تصريح لصحيفة الجارديان البريطانية قبل وفاتها بفترة قصيرة مايلي: لم يكن لدينا علم بما حدث لقد صدقنا أن جميع من فقد من اليهود ومن ضمنهم صديقتي إيفا قد أرسلوا لإعادة توطينهم إلى قرية في منطقة ستوتلاند حيث لم يكن هناك ما يدعوا إلى الريبة في ذلك.
وكلام بومسل هذا هو ما يشرح مواقف الأمم المتحدة والدول الإسلامية من جرائم الإبادة الجماعية التي يتعرض لها حاليا الشعب الأيغوري حيث أنه عندما بدأت عام ٢٠١٧ تظهر حقيقة معسكرات الاعتقال الصينية التي بدأت الصين في إنشاءها منذ عام ٢٠١٤ بدأ الرأي العام العالمي يتساءل هل من الممكن أن تحدث إبادة جماعية في هذا العصر من جديد؟ فالصين بما أنها المتهمة والقاضية في آن واحد أجابت عن ذلك بكل وقاحة بأن تلك المعسكرات أقيمت من أجل التربية. ولا تستطيع الدول الغربية والإسلامية ولا الأمم المتحدة أن تقول للصين لماذا تلك المعسكرات و عن أية تربية تتحدثين في هذا العصر؟.
وحكام المسلمين الذين ذهبوا للصين من أجل تحقيق المصالح الإقتصادية لا يتورعون عن تكرار ما تدعيه الصين من أن تلك المعسكرات من أجل (مكافحة الإرهاب). وكذلك إيران الإسلامية التي تذيع القرآن عبر قنواتها المرئية والمسموعة لا تحرك ساكنا ولا تتساءل هل من المعقول أن يتم رمي أشخاص خلف القضبان في معسكرات احتجاز وذلك فقط أنهم يتلون كلام الله العزيز، وبدلا من ذلك تستمر في تصديق روايات شئ جىنبينغ . وكذلك تلتزم الجامعات ومنظمات المجتمع المدني في الولايات المتحدة وأوروبا الصمت على جرائم الصين وذلك مقابل الأموال التي تلقتها تحت اسم (التمويل والدعم) وكما حاولت بومسل تبرئة ضميرها بتلفيق رواية عدم علمها بما حدث في المعسكرات النازية فان تلك المنظمات والجامعات تحاول تبرئة ضميرها بتصديق مزاعم الصين الكاذبة عن حقيقة معسكرات الاعتقال النازية في تركستان الشرقية.
وإذا تقوم سلطة في دولة ما باحتجاز الأطباء في تلك المعسكرات والحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة كغولشان عباس، والأكاديميين كالسيدة راحلة داود، والفنانين والسينمائيين والكتاب كالسيد خورسان حسن, يالقون روزي, عبد القادر جلال الدين فان تلك المعسكرات ليست معسكرات للتربية بل هي معسكرات إبادة جماعية. وإذا تم ايضا اعتقال والدي المسنان والأطفال وغيرهم من الملايين في تلك المعسكرات فهي جريمة إبادة جماعية. ومن لا يصدق ذلك فهو حر في أن يدعي أن الشمس تشرق من المغرب. ومن أجل أن تؤكد حقيقة أن الشمس تشرق من المشرق وأن الصين ترتكب إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين تقوم زوجتي روشان عباس في شهر سبتمبر / أيلول عام ٢٠١٧ بالإشتراك في ندوة في معهد للفكر في الولايات المتحدة وتفضح بالتفصيل هذه الممارسات الصينية الظالمة. وتعطي أمثلة على تلك الممارسات باحتجاز الصين لوالدي زوجها منذ شهر ابريل / نيسان من نفس العام. وبسبب عدم استطاعة الصين انكار ارتكابها إبادة جماعية ضد الأيغور. وانتقاما من زوجتي تقوم السلطات الصينية باعتقال شقيقتها الطبيبة غولشان عباس وإخفائها قسريا.
ووفق القوانين والمواثيق الدولية فان المتهم برئ حتى تثبت ادانته، وأنه ما لم تتوفر أدلة ثابتة لا يمكن احتجاز المتهم فترة طويلة. والنظام الصيني الذي لا يراعي أبسط الحقوق الإنسانية لا يرد على الأسئلة التي يوجه له بشأن أسباب احتجاز الطبيبة غولشان عباس. وقد حاولت اسرتها وأقاربها التقصي عن مكان احتجازها ولكن الصين التي لا تحترم أدني معايير حقوق الإنسان لم ترد ولم تعلمهم عن مكان وجودها. و في الوقت نفسه تستمر الصين في ترديد شعارات الرفاهية والتطور واحترام القوانين كزعيم عصابة الحي الذي لايكترث لما يلاقيه الناس منه. وبعد مضي الشهور والسنين تأتي أخبار عن الطبيبة غولشان عباس ومكان وجودها.
لقد تم إجراء محاكمة سرية لها حكم على أثرها عليها بالسجن لمدة عشرين سنة وذلك بتهمة ” عضويتها في جماعة ارهابية” ، ولكن ماهي تفاصيل هذه التهمة المزعومة؟ هل هناك من يعرف الإجابة عليها؟ وبعد تنديد أعضاء من الكونغرس ومنظمات حقوق الإنسان لما تتعرض له الطبيبة غولشان عباس يخرج المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليؤكد أنه قد حكم عليها بالسجن لمدة عشرين سنة. و قد أفشت إجابته على سؤال مراسل وكالة رويتر مدي بعد النظام الصيني عن إحترام القوانين والمواثيق الدولية حيث زعم أن غولشان عباس تمت محاكمتها بتهمة الانضمام إلى جماعة ارهابية وتمويل نشاطاتها وتحريض المجتمع على زعزعة الاستقرار. وأضاف محاولا الدعاية لنظامه الشمولى: ” أن الصين بلد يتم ادارته وفق القانون والدستور، وأن أي عمل مخالف للقوانين تتم المحاسبة عليه، وأن السياسيين الأمريكيين ينبغي عليهم احترام ذلك وعدم التدخل في شؤون الصين باستغلال الوضع في شنجيانغ.
وعندما يتم التدقيق في دلالة تلك التصريحات التي صدرت عن نظام شمولي دكتاتوري يمكن فهم أن الصين بدأت في الإعتراف بجرائمها وممارساتها الظالمة ضد الأيغور. إن المزاعم الصينية بأن الدكتورة غولشان عباس عضوة في جماعة ارهابية لا أساس لها من الصحة على الإطلاق فغولشان عباس طبيبة متقاعدة عملت ليلا ونهارا طوال سنوات طويلة على العناية بمرضاها وأصيبت بالإرهاق والمرض ما أجبرها على التقاعد المبكر وهي تجيد اللغة الصينية ولها المام بالقوانين الصينية. وإذا كان هناك من اتهام بالإنضمام إلى جماعة ما لطبيبة أحيلت إلى التقاعد المبكر بسبب مرضها فلا بد أن يكون تلك الاتهام هو الإنضمام إلى منظمة اغاثة إنسانية. وإذا كان قيام الدكتورة عباس بعد تقاعدها بمرافقة المرضي الفقراء الذين يأتون من القري النائية في تركستان الشرقية إلى المستشفيات في مدينة اورومتشي يعتبر ه النظام الشيوعي الصيني مساعدة للإرهابيين فليس لدينا ما نقوله.
وان كان النظام الصيني الشيوعي يعتبر نشاطات شقيقتها روشان عباس وابنتها زيبا مراد في الدفاع عن حقوق غولشان عباس التي اختطفت من أجل الإنتقام نشاطات اجرامية وحركة ” حملة الأيغور ” التي أسسناها ورفيقتي روشان عباس منظمة ارهابية فهذا يدل على أن النظام الصيني أسوأ وأفظع نظام على مدار التاريخ وذلك أن الهدف الوحيد لحركة ” حملة الأيغور ” هو الدفاع عن الحقوق الإنسانية للشعب الأيغوري الذي يتعرض للإبادة الجماعية من قبل النظام الشيوعي الصيني وكذلك الدفاع عن الحقوق الإنسانية للدكتورة روشان عباس.
والأمر الغريب هو مزاعم الصين بأن الدكتورة غولشان عباس التي اعتقلت بعد عودتها من زيارة ابنتها في الولايات المتحدة قد قامت حرضت المجتمع على زعزعة الإستقرار في شنجيانغ. وإذا كانت الدكتورة عباس قد قامت بعقد اجتماعات مع مجموعة من الأشخاص فان كاميرات المراقبة التي ترصد حركة المجتمع في كل أنحاء مدينة اورومتشي لم تسجل ذلك. وأيضا إذا كانت هنالك صور للدكتورة عباس مع بعض الأشخاص فانها و لا بد أن تكون صورها مع زملاءها أثناء فترة عملها في المستشفيات. وإذا كانت الصين تقصد من اتهامها للدكتورة غولشان عباس بزعزعة الاستقرار نشاطاتنا نحن في “حركة الأيغور ” في فضح جرائم الصين والإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق الشعب الأيغوري فلتعلم الصين أننا ماضون في زعزعة استقرار نظامها الفاشي الدكتاتوري حتي ينال شعبنا حقوقه.
وإذا كان المتحدث باسم النظام الصيني يدعي أن نظامه يحترم القوانين فعليه أن يقدم الأدلة على اتهاماته الباطلة للدكتورة عباس وإلا فانه إذا كانت تكفي مجرد الإدعاء باننا دولة قانون لكان أيضا الزعيم النازي هتلر قد دافع عن جرائمه ضد اليهود بأن دولته قد نفذت ذلك وفق قوانينها. واالإدعاء الأخير في تصريح المتحدث الصيني هو أن بعض الدول تستغل الوضع في تركستان الشرقية للتدخل في شؤون الصين فانه ان كانت هناك دولة ما تطالب بعدم التدخل في شوؤنها الداخلية فلا بد وأن تكون الصين آخر دولة تفعل ذلك وذلك أن الصين هي من حرضت حكومة ميانمار لارتكاب الإبادة الجماعية لمسلمي روهينغيا ودعمتها بكافة الوسائل. وأيضا هي من نددت بتصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بشأن تفشي فيروس كورونا من الصين وكذلك الصين هي من أرسلت سفيرها في ماليزيا لإجتماعات الأحزاب هناك من أجل ضمان استمرار هيمنتها الإقتصادية.
والسناتور كريس سميت قد لخص بجملة واحدة جرائم الصين ” بأن ما يقوم به شيجين بينغ ضد الأيغور لهو جريمة إبادة جماعية”. وقد أكدت زيبا مراد ابنة الدكتورة غولشان عباس في الإجتماع الذي عقد قبل أيام بشأن قضية والدتها ” بأنه لا يمكن قبول سجن أشخاص لم يرتكبوا أية جرائم من قبل نظام يقدم نفسه للعالم بأنه نظام يحترم المواثيق والقوانين الدولية”. وكلمات روشان عباس تظهر هزيمة النظام الدولي أمام السياسات والجرائم الصينية حيث أكدت ” أنها مصدومة من مسايرة النظام العالمي لنظام دكتاتوري كنظام الصين. هل نحن حقا سوف نخسر هذه المعركة ؟ الآن النظام العالمي أمام اختبار حقيقي لضميره ووجدانه. وإذا خسرنا هذه المعركة فليست ذلك خسرانا فقط لشقيقتي والأيغور بل هي خسران للإنسانية بأجمعها . وفي النهاية إذاكان لنا أن نعود لذاكرتنا فماذا كان يقول جوبلز المسؤول عن الدعاية النازية؟ كا ن يقول: ” لا تترددوا في تكرار الأكاذيب أثناء الدعاية الإعلامية فحتما سوف يكون هناك من يصدقوكم” وإذا أخفقتم في حمل الناس على الوثوق بدعايتكم فاستمروا في ترديدها.
ويبدوا أن بعض زعماء الدول الإسلامية والغربية وكذلك الأكاديميين والرأي العام قد بدأوا في تصديق مزاعم وادعاءات هذا النظام الصيني الظالم. ولكننا نحن وجميع منظمات حقوق الإنسان الذين لن نصدق مزاعم وادعاءات النظام الصيني الفاشي سوف نستمر في نضالنا ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها الصين وسوف يتم فضح الأكاذيب والجرائم الصينية. وعندما يأتي اليوم الذي تظهر فيه حقيقة جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الأيغوري الأعزل فليست هنالك عذر لأحد . والجهات التي تصمت الآن سوف تحاكم أمام التاريخ باعتبارها متواطئة في تلك الجرائم الصينية.
مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة