مائة من عظماء تركستان الشرقية في التاريخ الحديث – 08
ولد عبد النياز كمال عام 1910 في ولاية طورفان. تلقى تعليمه الابتدائي بالمدرسة الدينية في قريته، حيث استمر فيها إلى فبراير 1932، ثم اشتغل في الزراعة.
في 31 ديسمبر 1931، عندما اندلعت انتفاضة شعب طورفان بقيادة حمد الله دامُلَّا، ومقصود محيطي ومحمود محيطي وموصول محيطي وعبد الله بك نعيمي، شارك في الثورة وقاتل في معارك عديدة في عدة مدن. في مايو ويونيو من عام 1933، انسحب مع المتطوعين حينما انسحب خوجا نياز إلى الجنوب.
في 29 سبتمبر 1933، عندما انسحب خوجا نياز من آقسو إلى أوج طورفان، رافقه وبقي مع الثوار هناك لمدة شهر للتحضير لمسيرته إلى كاشغر. ساروا إلى كاشغر في 3 نوفمبر 1933 بضغط قوات ماجونيغ يانيغ التي لحقتهم، فوصلوا إلى كاشغر في 8 يناير 1934. بعد وصوله إلى كاشغر، شارك مع الثوار في معركة الاستيلاء على المدينة.
في 13 أبريل 1934، عندما قدم وحدات خوجا نياز إلى ياركند رافقه في هذا السير أيضا.
لما عين شن شي ساي خوجا نياز نائبا لرئيس المقاطعة ومحمود محيطي نائبا للجيش الحامية الجنوبية والقائد الإضافي للفرقة السادسة نظرا للمساهمات التي قدمها، تولى عبد النياز كمال قيادة السرية الأولى بالكتيبة الثالثة التابعة لجيش محمود محيطي في يني حصار. وقد مكث في يني حصار حتى 4 أبريل 1937 إلى فترة مغادرة محمود محيطي إلى خارج تركستان الشرقية برفقة 16 شخصا.
في 5 أبريل 1937، ذهب 2,000 جندي بدون قائد إلى كاجون لتوديع محمود محيطي وانتخب عبد النياز قائدا بالإجماع.
بعد عام 1937، حارب عبد النياز كمال ضد قوات الاتحاد السوفيتي، إحدى أعظم القوى في العالم، وحكومة شن شي ساي، واشتهرت شجاعته وبطولاته، ولا يزال يذكره الناس.
بعد رفع رتبة عبد النياز كمال، أعاد ترتيبات الجنود المجتمعين في كاجون ورفع مرتبة الضباط ونظم الجيش في أربع رتب. بعد الانتهاء من الاستعدادات، في 12 أبريل 1937، هاجم حكومة شن شي ساي، واقتحم مدينة ياركند، فأصبح ثلاث مقاطعات (ياركند، مركيت، وفوسكام) تحت سيطرته.
في مايو1937، تفاوض مع القائد الجيشي لطائفة التونغان ماخوسن في قارغليق، وقرروا الاتحاد والقتال ضد حكومة شن شي ساي. وفقا للقرار، تسلَّم عن ماخوسن 300 جندي مسلح بأسلحة متقدمة، فسار كلاهما سويا إلى كاشغر.
وقد سار محي الدين (أحد ضباطه) مع 600 جندي إلى مدينة كاشغر القديمة. وصل جنوده إلى كاشغر في 29 مايو1937. هناك تعرض إلى مقاومة أكثر من 300 جندي من إسحاق بك مونونوب في مدينة كاشغر القديمة.
في 30 مايو، تنازع الجانبان بشدة على مقر الفرقة على رأس البحيرة في منطقة يوميلاق شهير. عندما عرف هذا الوضع القنصل السوفيتي في كاشغر، توسط بينهم، وتحقق الاتفاق بين سعيد وإسحق وعبد النياز.
وفقًا لهذا الاتفاق، أخذ سعيد قواته إلى المدينة الجديدة، تاركًا المدينة القديمة لقوات عبد النياز. في هذه الأيام، في 1 يونيو عام 1937، وردت أنباء من أورومجي عن وصول عشر سيارات محملة بالجنود إلى آقسو. عند سماع الخبر، تشاور عبد النياز مع ماخوسن و”قرر بقاء ماخوسن في كاشغر والدفاع عن المدينة، بينما يقود عبد النياز 1400 جندي من الأويغور وتونغان إلى مارالباشي لمنع القوات القادمة من أورومجي”. وبحسب القرار، غادر عبد النياز كاشغر في الأول من يونيو عام 1937، حتى وصل إلى مارالباشي في السابع من الشهر الجاري. بعد ذهابه إلى آي كول في آقسو، أعاد جمع الوحدة بأكملها، ونشر جيوشه في عدة مناطق، فأرسل قائد السرية داود مع 100 جندي إلى كوجا وشاه يار لحرب العصابات. نظرًا لكونه شخصًا حكيما، رفع جنوده إلى 500 ودربهم بجهد. خاضوا معارك منتصرة في شاه يار وكوجا وبوجور وقارا شهير، حيث أزعجوا الجنود الصينيين والجنود السوفييت الذين جاؤوا لمساعدتهم ومنعوهم من السير إلى آقسو.
في أوائل يوليو1937، بعد نشر معظم قواته حول آقسو، سار عبد النياز مع 100 رجل إلى أوج طورفان، وهزم قوات شن شي ساي داخل الأسوار واستولى المدينة. ثم حشد أهالي أوج طورفان لبناء مصنع للذخيرة وإصلاح الأسلحة، والملابس العسكرية، حيث صنعت كميات كبيرة من الذخيرة والعبوات الناسفة والملابس وأحزمة الخيول لقوات الثوار في فترة قصيرة، حتى أصلح بهذه الأسلحة والمعدات ظروف قواته.
في 5 أغسطس 1937، اتحدت قوات شن شي ساي مع الجيش الأحمر السوفيتي لشن هجوم عام على قوات عبد النياز بالقرب من آقسو. قاتلت القوات في آباد وقومباش التابعة لعبد النياز كمال على الرغم من ضعف أسلحتها ونقص الذخيرة بضراوة لعدة أيام ضد قوات شن شي ساي والاتحاد السوفيتي. ولكن بالأخير، نظرًا لتفوق قوات العدو عليهم في العدد والأسلحة، تراجعت قواته إلى أوج طورفان، وقاتل قواته شن شي ساي بضراوة أكبر. بالرغم من علمه أنه لا يستطيع البقاء في أوج طورفان، تراجع مع 100 جندي إلى آقجا. فذهب عبد النياز إلى كَلْفين عبر طريق الجبل، ومكث هناك عشرة أيام ورتب قواته وذهب إلى آباد والتقى بجيشه.
في 5 سبتمبر 1937 هاجم شنغ شي ساي بمساعدة قوات الاتحاد السوفيتي قوات عبد النياز للمرة الثانية بألف جندي. وقد حارب عبد النياز مع أكثر من 1000 رجل في آي كول وقومباش. كانت هذه الحرب أسوأ من الحروب السابقة، فلم يقدر على الصمود في وجه هجوم قوات شن شي ساي، وتراجع إلى الغرب. وأمر جنوده بأكمله أن يحتشد في مارالباشي. في ذلك الوقت، كان لديه أكثر من ألف رجل مكونة من موظفين وخدم وجنديين. وعرف بهذا الوقت بطريقة جاسوسه أن الاتحاد السوفيتي أرسل جيشًا قوامه 2000 جندي مكونة من قيرغيز وأوزبك وأويغور وكازاخ وروس وغيرهم إلى مارا الباشي، وبقي 500 فارس في مارالبشي لوقف قوات عبد النياز، وتوجه 1500 جندي الى كاشغر. بعد أن علم أنه كان محاطًا بشن شي ساي والقوات السوفيتية من الخلف، أمر جيشه بالانسحاب إلى مركيت عبر الغابة. بعد مسيرة يومين، مروا عن مركيت، ووصلوا إلى ياركند، حيث مكثوا عدة أيام هنا. في هذه الأيام، أتى الجنود والمتطوعون من آقسو وأوج طورفان، وشاه يار وكوجا وأماكن أخرى، وتجمع ما مجموعه 3500 شخص. وكشف التحقيق عن وجود القوات السوفيتية في ياركند. في هذه الحالة، في 18 سبتمبر 1937، جمع عبد النياز قواد السرية والكتيب والمستشارين لمناقشة ما يجب القيام به وإلى أين يتجهون. فالكل أتى بوجهات نظر مختلفة. قال عبد النياز كمال، بعد استماعه للآراء المختلفة:
“أيها الإخوة والأصدقاء! لو لم تغز القوات الآلية لدولة عظيمة مثل روسيا – أي جنود مسلحين بالطائرات والدبابات والمدرعات- بلدنا فانتصرنا، لأننا لقد دمرنا حكومة شن شي ساي وأتباعها التي تعد العدو اللدود لشعبنا. ولكن الشيوعيين السوفييتي قمعوا ثورتنا المناهضة للاضطهاد تحت راية مساعدة الدول المضطهدة. باختصار، لقد وقعنا بقدر الله في وضع سيء.
خلال المناقشة، عرض بعض الأشخاص الذين كانوا معي في معارك صعبة الاستسلام للجنود الروس، بينما عرض آخرون الخروج إلى الهند. أعتقد أن هذه الفكرة خاطئة جدًا. نحن البواسل الذين رفعوا النصل والسيف ضد الظلم. ثرنا، وحررنا عدة ملايين من الناس في مدن عديدة. لقد قاتلنا ببطولة في أماكن عديدة، ووجهنا ضربة ساحقة لحكومة شن شي ساي الصاخبة وخلفيتها من الجنود الروس. أنتم الذين يجلسون هنا يتذكرون هذه المعارك المنتصرة. هذه الحكومة المعروفة الآن باسم الحكومة السوفيتية، تدخلت في شؤوننا وقضت على ثورتنا. هل نسافر إلى الخارج بأرواحنا الكريهة؟ تاركا الأصدقاء والمجاهدين الذين قاتلوا معنا في الأوقات الصعبة و الآكلين الذين أكلوا معنا نفس الأطعمة والمتطوعين الذين غادروا بلادهم وإخوانهم. ألا يعتبر أمر قبيح بالنسبة لأمثالنا الذين يرفعون السيف ضد الظلم؟ أَوَ لسنا نشبع إذا أكلنا رغيفا واحدا؟ لماذا رفعنا النصل؟ لماذا مات الآلاف من أصدقائنا في ساحة المعركة؟ كيف ننظر إلى وجوههم لو سافرنا إلى الخارج؟ نحن راضون بالموت، ولن نهرب إلى الخارج أبدًا. هرب محمود محيطي إلى الخارج لينقذ نفسه، فماذا حصل؟ لقد نسي الآن بلده وشعبه ولم يكتب إلينا حتى خطابًا واحدا!، لو خرجنا من بلادنا، فسنواجه نفس اليوم السيئ مثل ذاك الرجل، لا غير. أنا قائدكم وقد نفذتم كل شيء تحت أمري. لا تريدون حكومة سواي.
أيها الإخوة الأعزاء! من هذه الساعة آمركم بالتفرق والاحتماء بأنفسكم. بالطبع، إراقة دماءنا لن تذهب سدى، وسيتذكر جيلنا القادم هذه الأشياء. بارك الله فيكم.”
بعد سماع كلماته، انفجر أكثر من 3500 جندي ومتطوع بالبكاء.
فسأل رجل يدعى كيجك أخون: ماذا ستفعل حضرتك؟ أجاب: “عليّ أن أنقذ حياتي وحدي قدر المستطاع”. عند سماع هذا الجواب، اصطحب عبد الله من أوج طورفان أحد حراسه الشخصيين، وقال: سأكون مع القائد عبد النياز. إذا مت، فأموت معه، وإذا عشت، فأعيش معه.
بعد أن أمر عبد النياز قواته بالتفرق، قاد كيجك أخون 1600 شخص إلى ياركند واستسلم للقوات السوفيتية. بعد مغادرة عبد النياز، انضم إليه عبد الله من أوج طورفان، وساروا سويا حتى نزلوا بقرية حراب، ومكثوا هنا يومين في منزل أحد المزارعين، فأرادوا أن يهاجروا إلى الهند، وذهبوا، حتى وصلوا إلى أهل القرية التي يسكن بها القرغيز. فنزل في منزل رجل قيرغيزي. في اليوم التالي بعد صلاة الفجر رأى جنودًا يحيطون به. بعد أن علم أن هؤلاء الجنود من الأويغور، دعا عبد النياز الجندي وسأله: من أي وحدة؟ فأجاب الجندي: نحن جنود يوسف من طورفان.
قال: اذهب، وأخبر يوسف حتى يأتي إلي. جاء يوسف وسلم عليه كقائد عسكري. قبل عبد النياز التحية، وجلس لشرب الشاي والتحدث. قال عبد النياز: ماذا ستفعل بي؟ قال يوسف: لقد أتينا بأمر من الحكومة داعيا جنابكم إلى ياركند.
بعد المحادثة، أخذ يوسف عبد النياز ورفقائه الثلاثة، (دون تجرد عن أسلحتهم) وسلمهم إلى الحكومة.
كافأ الروس يوسف ببندقية على عمله. ثم أرسلوه إلى حرب خُتَن، لما انتهت وظيفته، أطلقوه بالنار.
بقلم: تورسون بارات
مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة