الليالي السود في تركستان في رؤية نجيب الكيلاني الروائية
بقلم الدكتور: محمد مصطفى هدارة
“ويعبر نجيب الكيلاني في حواره مع مصطفى مراد حضرت في أول الرواية عن غياب الدول الإسلامية البعيدة عن ذاكرة المسلمين، بقوله:
- من تركستان.
فكرت قليلاُ ثم قلت: – أهي بلاد ملحقة بتركيا؟
وعلت ابتسامته الساخرة ظلال كآبة وقال: – المسلمون لا يعرفون بلادهم، ما هي صناعتك؟
-طبيب من مصر.
– أفي بلاد الأزهر الشريف ولا تعرف تركستان، حسناً… لا شك أنك تعرف الإمام البخاري والفيلسوف الرئيس ابن سينا والفارابي، والعالم الجهبذ البيروني.
– إنني أعرفهم.
– هم من بلادي. لقد لخص هذا الحوار القصير تقصير المسلمين في معرفة أوطانهم التي سلخت منهم، وعرفت بتركستان التي أنجبت الأفذاذ من علماء المسلمين في علم الحديث والفلسفة والطب والمنطق والتاريخ، كذلك أبان الحديث (بوجود مصطفى مراد حضرت) أن تركستان لم تزل حية ماثلة في التاريخ المعاصر، ولم تكن ضمن الأمم البائدة في التاريخ. وتتضح مأساة تركستان في بداية الرواية حين قصد الكاتب أن يلقي أضواء كاشفة تبرز القضية وأبعاد الزمان والمكان والحدث، فالتركستان تقع في أقصى الشمال، وقد انقسمت بفعل الاستعمار إلى تركستان شرقية وأخرى غربية، فاحتل الروس تركستان الغربية وضموها إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي، واحتل الصينيون تركستان الشرقية وضموها إليهم وسموها سنكيانج ( أي الأرض الجديدة) وهكذا ضاعت بلاد إسلامية كانت من أعظم بلاد الله حضارة وتاريخاً وكفاحاً ومجداً، إنها الأندلس الثانية. وإذا كانت هذه البلاد الإسلامية قد وقعت في أسر الشيوعية المتمثلة في روسيا والصين فإن سواها قد وقع في قبضة الصليبية أو الصهيونية في التاريخ المعاصر، وما ذاك إلا نتيجة الصراع الدولي بين الأقوياء الذين يجيدون لعبة الكرة التي تتداولها أقدامهم.”
نشر في مجلة (الأدب الإسلامي)عدد(9-10)بتاريخ(1416هـ)
مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة