• واشنطن العاصمة
تابعنا:

تركستان الشرقية_توختي آخون أركين

تركستان الشرقية

بقلم توختي آخون أركين

بلاد التيبت التي تحتلها الصين الشعبية يبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة ملايين نسمة, وأغلبهم من البوذيين, مع أقلية مسلمة تعتبرهم السلطات الشيوعية من قومية خويHuizu  مع أنهم تبتيين مسلمين .

والتيبتيون مثل جيرانهم وشريك محنتهم التركستانيين يعانون مرارة الحكم الأجنبي, ويقود كفاحهم زعيمهم الديني الدلاي لاما، الذي التجأ إلى الهند عام 1959.

      وقد لقي الدلاي لاما الدعم والمساندة من كثير من دول العالم, وله مكاتب منتشرة في القارات الست, وله في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها أكثر من عشرين ممثلية, ولا تتردد الحكومات والهيئات الدولية من مساندته, ودعم قضية التيبت, وتمارس ضغوطها السياسية والاقتصادية, ولا تبالي في ذلك غضب الصين أو سخطه.

     وأقرب مثال لذلك فقد عقد مؤتمر دولي حول التيبت, نظمته مؤسسة فريد ريش تاومن من الحزب الليبرالي الشريك في الحكومة الألمانية في يوم الاثنين 18/6/1996, وأقر المؤتمر الذي حضره الزعيم الديني الدلاي لاما, وشارك فيه 350 من رجال الجامعات والفكر والسياسة والمؤسسات غير الحكومية من مختلف بلاد العالم, مطالبة بكين بفتح حوار مع الدلاي لاما, كما أقر خطة عمل هدفها حماية الثقافة والدين في التيبت وإعطاء هذه المنطقة حكماُ ذاتيا،ً وأقر البرلمان الألماني قرارات المؤتمر المذكور, وأعرب عن انتقاده لسياسة الصين القمعية في التيبت, وطالب بتحسين ظروف التيبتيين مجمداً الاتصالات الرسمية, وقد أدي ذلك إلى إلغاء زيارات لوزراء ألمان إلى الصين، منهم وزير الخارجية كلاوس كينكل, ووزير الاقتصاد جونتر ريكسرودت، ووزير التنمية والتعاون الاقتصادي كاريل ديتر شيرانجر .. مع أن الصين تعتبر ثالث أكبر شريك تجاري لألمانيا في الشرق إذ بلغت قيمة صادرات ألمانيا إلى الصين 15.9 بليون مارك, والواردات منها حوالي 10.7 بليون مارك في عام 1995م

  وفي المقابل نجد قضية تركستان الشرقية التي هي بلاد إسلامية, تسكنها أكثرية مسلمة تقدر بحوالي 60% من سكانها البالغ عددهم 17 مليون نسمة حسب الإحصاءات الحكومية يعاني المسلمون من إجراءات وممارسات جائزة تهدف لإذابتهم عرقياً وثقافياً, بضغوط اقتصادية واجتماعية وسياسية عنيفة, وهم يحاولون الاحتفاظ بشخصيتهم الإسلامية, وهويتهم القومية, ولكن لا يجدون دعماً ومؤازرة, وإنما صدوداً وإعراضاً من المسلمين حكومات وهيئات, بل بالعكس دعوة إلى التجاهل, ودفاعاً عن الصين وما توفره من حريات لمواطنيها المسلمين, في الوقت الذي تجد الصحف الصينية نفسها تكتب عن القيود التي تفرضها السلطات الشيوعية علي الممارسات الدينية.

فمثلا نشرت جريدة الصين اليوميةChina Daily  الصادرة باللغة الانجليزية في بكين بتاريخ 20/7/1995 بعنوان: الصين تمنع سيطرة الأجانب علي الدين, وهذه صحيفة رسمية تنشر المقالات والأخبار لغير الصينيين, ولم تكن جريدة محلية مع أن الصحف المحلية تحمل الكثير من هذه الأنباء, مثال ذلك جريدة شينجانغ الرسمية التي تصدر في أورومجي نشرت بتاريخ 6/8/1994 القيود الخاصة بالعمل الديني في تركستان الشرقية.

         والواقع أن السلطات الشيوعية تعامل المسلمين بمعيارين, فما توفره للمسلمين في مقاطعات الصين يختلف عما هو موجود في تركستان, وما يتمتع به مسلمو قومية خوي الصينية يختلف عما يمارسه مسلمو القومية التركية من الأويغور والقازاق والقرغيز, وأظهر مثال علي ذلك حرية الفتاة المسلمة من قومية خوي الصينية في تعلم الأحكام ومبادئ الإسلام في مساجد ومدارس خاصة بهن, بينما ذلك يحرم علي الفتيات المسلمات في تركستان, بل يمنعن من دخول المساجد, ورجال الدعوة الإسلامية الذين كانت لهم فرصة زيارة تركستان ومقاطعات الصين الإسلامية يعرفون ذلك .

        علاوة علي ذلك فالمسلمون الصينيون لهم حق صحف ومجلات إسلامية مثلما هو حاصل في بكين وكانسو وينجوان, ولهم حرية نشر الكتاب الإسلامي, فالمسلمون التركستانيون وهم لا يقلون عدداً منهم لا يحظون بهذه الحرية, حتي أن مجلة المسلم الصيني التي كانت تصدر نسخة باللغة الأويغورية منع صدورها.. وإذا كان هذا التمايز في العمل الإسلامي, فالمسلمون التركستانيون محرومون من حقوقهم الإنسانية وحرياتهم إلا بقدر ما يخدم أهداف حكومية الصين الشيوعية… والفرق ملحوظ لكل ذي بصيرة عما يجد المسلمون الصينيون في مقاطعة نينغشيا ذات الحكم الذاتي لمسلمي قومية خوي, وما يمارسه المسلمون التركستانيون من حقوق في مقاطعة شنجيانغ ذات الحكم الذاتي لمسلمي قومية الأويغور.

      والتيبتيون هم من الديانة البوذية, وأغلب الصينيون يدينون بالبوذية, وهي الديانة الأولي في الصين, والدلاي لاما الزعيم الروحي لهم, وإن اختلفت مذاهبهم, ولم يرض التيبتيون بالاحتلال الصيني, ولم يطلب إليهم ذلك؛ لأن ما تمارسه حكومة الصين الشعبية هي عمليات تصيين وإذابة لغير الصين, واستئصال الوجود التيبتي أو التركستاني, خاصة وأنها تسعي إلى إيجاد قومية واحدة تذيب فيها كل القوميات وهي ما يسمونها القومية الصينية العظمي Ta Han Chui, وتفيد أن أمة الصين Chunggua  تتكون من سلالات عدة هي السلالات التي تعيش داخل حدود الصين السياسية لا تشكل أمة واحدة فحسب, بل عنصراً واحداً, واعتبرت قومية هان الصينية Hanzhou تطورت تدريجياً عبر القرون, حيث امتص الصينيون القدماء جميع القوميات والشعوب والقبائل التي هاجرت إلى أراضيها أو عاشت علي حدودها, وأن هذه العلاقات التاريخية لا تزال تربط قومية هان بغيرها من القوميات العرقية الأخرى, وتوطيد الحياة الاشتراكية التي بفرضها الحزب الشيوعي الصيني مع توثيق الصلات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية يؤدي في النهاية إلى تشكيل الجميع في أمة صينية واحدة, كما أدي ذلك إلى نشوء قومية هان.

وهذه السياسة في مداها الطويل لا تهدد التركستانيين أو التيبتيين بل تهدد المسلمين الصينيين وغيرهم من الأقليات العرقية, ويكفي أن يلاحظ أن عدد المسلمين قبيل الحكم الشيوعي كان 48.104.240 نسمة خمسين عاماً, يلاحظ أن عددهم نحو 8.602.978 نسمة حسب الإحصاء الحكومي لعام 1990.

ويكفي أن يفتخر التركستانيون أن دينهم الإسلامي هو الذي منحهم القوة سياسة الإذابة العرقية والثقافية التي تمارس ضدهم, وتحفظهم وتحفظ هويتهم الإسلامية, وليس هذا فحسب بل أصبح أحد أبناء المسلمين التركستانيين وهو أوركاش نور محمد دولتي الذي يلفظ الصينيون اسمه ويركايكش Wuer Kaixi  رئيس الحركة الديمقراطية في واقعة تيان آن مين المشهورة في ربيع عام 1989 وواجه الزعامة الشيوعية بمفاسدها, وطالبها بالإصلاحات علي نطاق الصين كلها علي أمل أن تؤدي هذه الإصلاحات الديمقراطية إذا تحققت في الصين إلى تخفيف الممارسات الشيوعية في تركستان, وخلال القمع الوحشي لحركة الطلاب الديمقراطية هربته الجهات الأوروبية مع غيره من الزعماء إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث يتزعم هناك الحركة الديمقراطية ضد الصين.

       فقد كتبت عنه مجلة التايمز بتاريخ 26/6/1989 بأنه يستطيع أن يوضح الفروق بين حياة الناس وحياة الزعماء, وقد نمت نظرياته السياسية من خبراته الشخصية, ولم تكن بتأثير غربي فهو لم يرحل إلى خارج الصين, ولكن قراءاته المكثفة ومعاناته الشخصية ساهمت في تكوين شخصيته, وهكذا يتضح أن الصينيين أنفسهم يلتفون حول داعية انبثق من قلب المأساة الإسلامية في تركستان, فيصور الجور والظلم الذي يعانيه الجميع من الاضطهاد الشيوعي ليس في تركستان فحسب؛ بل في الصين كلها.

                                   ******

تصفّح المقالات

مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة

This website uses cookies. By continuing to use this site, you accept our use of cookies.