مائة من عظماء تركستان الشرقية في التاريخ الحديث – 12
ولد عبد الرؤوف مخدوم الإبراهيمي في مدينة غولجا عام 1914. قضى طفولته وشبابه في دراسة العلوم الشرعية، والتعليم الحديث في مدارس العلوم الشرعية. ثم درس المحاسبة وأصبح أحد المحاسبين المشهورين في مدينة غولجا. كما أصبح رئيسًا لمصرف مدينة غولجا بعد معاهدة السلام بين الكومينتانغ وحكومة تركستان الشرقية في عام 1946.
استجاب عبد الرؤوف مخدوم لحركة التنوير الأويغورية التي ازدهرت في تركستان الشرقية في عشرينيات القرن الماضي. حيث التحق بالمدارس التي افتتحها المثقفون؛ مثل: مسعود صبري وجرجس الذين تلقوا تعليمهم في إسطنبول وأماكن أخرى. وتعرف عبد الرؤوف مخدوم على أفكارهم حول الوطن والأمة، واستجاب لها بنشاط، وخاصة أفكار التركية والوطنية.
وقد أثرت ثورة تركستان الشرقية التي بدأت في عشرينيات القرن الماضي على نظرته للعالم. ولعب قادة هذه الثورات تيمور خليفة، وخوجا نياز، وثابت دامُلَّا، ومقصود محيطي، ومحمود محيطي، ومحمد أمين بُغْرا، دورًا كبيرًا في تشكيل أفكاره الوطنية والثورية له.
بناءً على معرفته التي اكتسبها وخبراته الحياتية، بحث في إيجاد الطريق الصحيح واستعد للنضال. في أبريل 1944 عندما تأسست “منظمة الحرية” في مدينة غولجا تحت قيادة علي خان توري، كان من أوائل من انضم إليها وأصبح واحدًا من أول 12 عضوًا. وعندما أعلنت جمهورية تركستان الشرقية في 12 نوفمبر، عيِّن أمينًا عامًّا للحكومة.
منذ الأيام الأولى لتأسيس الجمهورية، بذل جهودًا كبيرة في بناء الحكومة، وقدَّم مساهمات كبيرة في إنشاء الحكومة وتطويرها وتعزيزها وحمايتها، وأصبح أحد أكثر الأمثلة التي لا تنسى في تاريخ استقلالنا الحديث.
اعتقل عبد الرؤوف عام 1951 تحت شعار مدعي “القومية التركية”، و”الوحدة الإسلامية” وحُكم عليه بالقتل، ثم أُلغي الحكم لاحقًا، وبقي في السجن حتى عام 1953. وفي عام 1957 اتهم بالقومية مرة ثانية.
لقد فهم عبد الرؤوف الواقع الرهيب لأمته والمصير الأسود الذي كان يسقط على رأسه. وفي عام 1963 اصطحب أطفاله وتوجه إلى الاتحاد السوفيتي، وكانت عينه تذرف دمعا، وعينه الآخر دما. وقد قضى أياما صعوبة هناك أيضا.
عبد الرؤوف مخدوم، الذي قضى نصف حياته في غولجا، كرس حياته كلها لتحرير الوطن والشعب حتى بعد مغادرته الاتحاد السوفياتي. لقد حارب الثوري المخضرم بكل ما في وسعه، بغض النظر عن الظروف، وعاش بالحب والحزن والشوق والأحلام لتركستان الشرقية، وأمته الحبيبة حتى أنفاسه الأخيرة.
شارك عبد الرؤوف في المؤتمر الوطني الأول لتركستان الشرقية الذي انعقد في إسطنبول في الفترة من 12 إلى 14 ديسمبر 1992، وقدَّم آراءه القيمة فيه. كان المحتوى الأساسي لخطابه في المؤتمرات والاجتماعات والمناسبات المختلفة، “قضية جمهورية تركستان الشرقية”. لما يتحدث عن هذا، كان يشعر بالفخر للغاية بالتاريخ المجيد لتركستان الشرقية، والأعمال البطولية لأمته. ويظهر البغض الشديد لاضطهاد الذي شهده شعب تركستان الشرقية تحت ديكتاتوريات الكومينتانغ والشيوعية، حيث قال: إن الكومينتانغ كلب سود، والشيوعيون كلاب حمر، كلاهما ذئاب لغابة واحدة. لا سيما إلى ستالين؛ لأن بخيانته، فَقَدَ شعب الأويغور استقلالهم وحريتهم، ووطنهم وشرفهم.
وقد كان يوصى للشباب أن يأخذوا الدروس والعبر من تاريخهم المملوء بالدم والدموع، وأن يبتعدوا من اليأس والقنوط.
وقد عبَّر عن آرائه في مذكرات طويلة بعنوان “بعض الملاحظات من ثورة تركستان الشرقية” التي نُشرت في صحيفة “يني حياة” الصادرة في آلماتا في 15 أكتوبر 1994. كما عبر في مقابلاته مع إذاعة آسيا الحرة، وتأكد أن هذه الخلاصة مأخوذة من الحياة المملوءة بالدم والدموع.
توفي العالم الإسلامي، والمفكر التركستاني، والمجاهد عبد الرؤوف مخدوم في 3 أغسطس 2005 في آلماتا – قازاقستان.
بقلم: أحمد إيغَمْبَردي
مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة