05 – مائة من عظماء تركستان الشرقية في التاريخ الحديث
ولد علي خان توره في بالاساغون في 21 مارس 1885 في عائلة تعتمد على الزراعة.
والده شاكر خان توره أنجب أربعة أطفال، فهو الثاني منهم. كان والده من الناس المتنورين في عصره. وقد اعتنى بتعليم أطفاله حيث أرسل علي خان توره للدراسة إلى الحجاز مع ابنه الأكبر عالم خان توره.
بعد تخرجه من المدرسة الثانوية، عاد إلى وطنه واستمر في دراسته في مدارس بخارى، فولع الطب، وتتلمذ على فحول علماء الطب في عهده، وقرأ أعمال الأطباء الشهيرة، كأبي علي بن سينا وغيره حتى أصبح أستاذاً وطبيبا شهيرا في الطب.
في فترة دراسته كانت الإمبراطورية القيصرية احتلت آسيا الوسطى، واستمر الشعب ثوراتهم ضد حكومة القيصر بدون توقف. ففي عام 1916، ثارت قوم القيرغيز وجماعات عرقية أخرى في منطقة توقماق ضد الحكومة الروسية القيصرية وشارك علي خان توره في هذا الثورة. ولكن فشلت الثورة أمام قوات العدو الكثيرة. وهرب الثوار في جميع الاتجاهات، فلجأ علي خان إلى كاشغر كمغترب وعاد إلى وطنه عام 1918.
في نهاية عام 1920، أراد الذهاب إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، ولكن في هذا الوقت كان من الصعب جدًا الذهاب إلى مكة عبر الاتحاد السوفيتي، لذلك جاء إلى مدينة غولجا للذهاب عبر تركستان الشرقية. لكن بسبب الوضع السائد في ذلك الوقت، لم يواصل سفره واستقر في مدينة غولجا. بصفته عالمًا دينيًا وماهرًا في الطب، سرعان ما اكتسب شعبية وعزز علاقته مع الناس. وفيما بعد أُطلق على هذا الحي “حي توره”.
في عام 1937، شلخ السفاح شن شي ساي بسيفه الدموي، فاعتقل عددًا كبيرًا من العلماء والمثقفين بمن فيهم علي خان توره حيث اعتقله وصادر ممتلكاته.
وقد أطلق سراحه عام 1941، وعاد إلى غولجا من أورومجي. بعد عودته إلى غولجا، واصل عمله الطبي. فلما رأى المشاعر المتزايدة للشعب ضد اضطهاد الكومينتانغ، قام بدعاية علنية وسرية في المساجد والمدارس الدينية والتجمعات العامة ضد السياسات الاستبدادية لنظام الكومينتانغ. وتدفق الناس المتعطشون للتحرير إلى المساجد التي يخطب فيها في صلاة الجمعة للاستماع إليه. حتى تأسست “جمعية التحرير” السرية في غولجا في عام 1944، وانضم إلى المنظمة وعيِّن رئيسًا لها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في بداية عام 1944، جاء يوسيف القنصل العام السابق للاتحاد السوفيتي من أورومجي إلى غولجا، وتشاور مع شخصيات محلية مثل صالح خان باي من غولجا حول تأسيس منظمة، وقرر تسمية المنظمة بـ “جمعية التحرير”. منذ تأسيس المنظمة، كان مدير المستشفى السوفيتي في غولجا حاكم جبار وويج يار الله بيكوف مسؤولا عن أنشطة المنظمة.
لقد شارك المفكرون والمثقفون والشخصيات البارزة والعديد من القيادات الدينية من جميع الأعراق والمجتمعات لهذه الجمعية كعبد الرحيم جان صابر، وقاسم جان قمبري، وعبد الكريم عباسوف، وصالح جانباي باباجان، وذي النون طيب، ومحمد جان مخدوم، وعبد الرؤوف مخدوم، وجاني يولداشوف، ومختار خليفة، ونور الدين بك، وعمر جان ومحي الدين أحمد.
لاحقا من بين أعضاء الجمعية، أصبح علي خان توره رئيسا لحكومة تركستان الشرقية، وعبد الرؤوف مخدوم أمينا عاما، وعبد الكريم عباسوف رئيسا لقسم الدعاية، وقاسم جان قمبري رئيسا لقسم الكوادر، حبيب يونجي وزيرا للتعليم (بعد وفاته حل مكانه سيف الدين عزيزي)، وصالح جانباي وزيرا للزراعة، ومحمد جان مخدوم رئيسا للقضاء الأعلى، وذو النون طيب نائبا لقائد الجيش الوطني.
عين علي خان توري رئيسًا لحكومة تركستان الشرقية التي تأسست في 12 نوفمبر 1944. في بداية عام 1945، مُنح له رتبة المشير. وحينما أبرم المعاهدة بين حكومة تركستان الشرقية وكومينتانغ، وتشكلت الحكومة الاتحادية، ضم علي خان توره كعضو في الحكومة، ولكن بعد فترة وجيزة في يوليو1946 في الثالث عشر، اختطف سراً من غولجا إلى الاتحاد السوفيتي.
بعد الاختفاء الغامض له، انتشرت الشائعات بين الناس، قال البعض إنه ذهب إلى قورغاس (حدود تركستان الشرقية مع الاتحاد السوفيتي) للاجتماع، والبعض الآخر قال إنه ذهب إلى مكان أخر. حتى أخبر حراسه علاء الدين أمير وسونور منير:
“في الثالث عشر من يونيو، ذهبنا مع علي خان توره إلى المبنى رقم 2 (كان مكتب المهام الخاص للحكومة السوفيتية). بعد فترة خرج رجل، فقال: الرئيس الجمهوري يأمركم بالعودة، فعدنا، وبعد ذلك لم نره ولا نعرف إلى أين ذهب”.
أرى: أن العقيد إيفان إيفانوف من الجاسوس السوفيتية المقيم في هذا المبنى الذي أنشأه الاتحاد السوفيتي السابق في غولجا في 13 يوليو1946، جاء إلى آقسو من أوش في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، وتعلم القرآن واستقر هناك، حيث تزوج وأنجب ولدين وبنتا. والعقيد علي حامدوف، الذي جاء إلى غولجا أثناء ثورة “الولايات الثلاث”، فعمل في البداية في قسم الفرسان، ثم مسؤولاً عن الاستطلاع الخاص، وتدرب لاحقًا في إدارة الشؤون الداخلية للمقاطعات الثلاث. وزخار كوزنيتسيف، جاسوس السوفيت الذي أطلق على نفسه اسم ذاكر أفندي، وهؤلاء الثلاثة أخذ علي خان توره إلى الاتحاد السوفيتي في سيارة Zis، قائلاً: “عثمان يوسفوف (السكرتير الأول للحزب الشيوعي الأوزبكي) يريد مقابلتك.”
بعد ذهابه إلى الاتحاد السوفيتي، أمضى ثلاثين عامًا في إقامة جبرية في طشقند في قصر مُعد خصيصًا له. على الرغم من أنه أبقى سراً في البداية، إلا أنه سُمح له لاحقًا بمقابلة الزوار الخارجيين. خلال فترة حجزه 30 سنة، أجرى بعض الأبحاث العلمية، حيث ترجم كتاب “نوادر الواقعة” لأحمد دانش، و”الرسالة في الموسيقي” و”نظام تيمور” لدرويش أحمد جنگين. وكتب كتبا عديدة منها: “تاريخ محمد” و”حزن تركستان”. ومن المعروف أيضًا أن لديه مجموعة من القصائد بعنوان “ديوان ساغوني”.
كان له أربعة أبناء وهم غفار خان وآسار خان وأحمد يار ومحمد يار، عمل هؤلاء في ثورة “الولايات الثلاث” وغادروا إلى الاتحاد السوفيتي بعد عام 1950.
توفي علي خان توره في طشقند عام 1976 عن عمر يناهز 91 عامًا ودفن في مقبرة الشيخ زين الدين بابا في طشقند بحسب وصيته.
بقلم: الحاكم عبد الجبار
مركز حقوق الطبع والنشر لدراسة الأويغور - جميع الحقوق محفوظة